
تُعد ظاهرة نقص الوزن غير المبرر أو المفاجئ، لا سيما عندما تترافق مع شحوب الوجه، مؤشراً يستدعي الانتباه والتقييم الطبي. فبينما قد يكون فقدان الوزن ناتجاً عن عوامل بسيطة كقلة التغذية أو الضغط النفسي، قد يشير في حالات أخرى إلى وجود حالة صحية كامنة تتطلب التدخل. هذه المقالة تستعرض الأسباب الرئيسية لنقصان الوزن والشحوب، وتوضح متى يجب استشارة الطبيب.
أسباب نقص الوزن غير المبرر وشحوب الوجه
يُعزى فقدان الوزن مع شحوب الوجه غالباً إلى خلل في التوازن بين السعرات الحرارية المستهلكة والمحروقة، أو إلى مشكلات صحية تؤثر على امتصاص العناصر الغذائية أو على الدورة الدموية. وإليكم أهم الأسباب الشائعة لنقص الوزن:
1. نقص التغذية وفقر الدم
يُعتبر سوء التغذيةونقص العناصر الغذائية الأساسية أحد أبرز الأسباب المشتركة لنقص الوزن والشحوب. قد لا يعكس هذا بالضرورة عدم تناول الطعام، بل قد يشير إلى فقر في التغذية (نقص المغذيات) أو سوء امتصاص. ويؤدي نقص الحديد (فقر الدم)، على وجه الخصوص، إلى شحوب ملحوظ في الوجه وتعب عام، لأنه يقلل من عدد كريات الدم الحمراء الصحية التي تحمل الأوكسجين إلى الأنسجة.
2. اضطرابات الجهاز الهضمي
تؤدي بعض الاضطرابات الهضمية إلى نقص في الوزن بسبب تأثيرها المباشر على امتصاص الطعام، ومنها:
- داء كرون: يسبب التهاباً في أنسجة السبيل الهضمي.
- الداء الزلاقي: يمنع امتصاص الفيتامينات والمعادن الهامة لصحة الجلد والجسم.
- التهاب القولون التقرحي، أو عدوى الجيارديا والديدان الشريطية.
3. فرط نشاط الغدة الدرقية
تحدث حالة فرط نشاط الغدة الدرقيةعندما تفرز الغدة الدرقية كميات زائدة من هرمون الثيروكسين، مما يؤدي إلى زيادة معدل الأيض في الجسم بشكل كبير، وبالتالي إلى حرق سعرات حرارية إضافيةوفقدان الوزن، وغالباً ما يصاحب ذلك أعراض أخرى مثل التعرق الشديد، وتسارع ضربات القلب، والعصبية.
4. الأمراض المزمنة والأورام
بعض الأمراض المزمنة تسبب استنزافاً كبيراً للطاقة في الجسم، ما يؤدي إلى فقدان الوزن، ومنها:
- السكري (النوع الأول والثاني)
- فشل القلب
- السل
- فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)/الإيدز.
- الأورام الخبيثة (السرطان)، خاصة في الجهاز الهضمي
هل التفكير والقلق يسبب نقص الوزن؟
نعم، يؤثر القلق والتفكير الزائد والضغوط النفسية تأثيراً مباشراً على وزن الجسم، وفي الغالب يتسبب في فقدان الوزن لدى البعض.
يُفسر هذا التأثير بعدة آليات فيزيولوجية وعصبية:
- فقدان الشهية:يميل الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب إلى الابتعاد عن الطعام وفقدان الشهيةبشكل حاد، مما يقلل من إجمالي السعرات الحرارية المتناولة يومياً.
- تنشيط العصب المبهم:يعمل التوتر على تنشيط العصب المعدي الرئوي الذي يتحكم في معالجة الطعام واستقلابه، مما يحد من عمله ويؤدي إلى اضطرابات هضمية كالتقلصات وآلام البطن، مما يقلل الرغبة في تناول الطعام.
- إفراز الأدرينالين والكورتيزول:يزيد الضغط النفسي من إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول. الأدرينالين يزيد من سرعة التنفس وضربات القلب، مما يرفع من معدل حرق السعرات الحرارية، في حين أن زيادة الكورتيزول تغير عادات الأكل وتؤثر على التمثيل الغذائي بشكل يؤدي إلى انخفاض الوزن.
متى يكون فقدان الوزن خطيراً؟
يُعتبر فقدان الوزن إنذاراً طبياًيستدعي استشارة الطبيب فوراً إذا حدث بشكل غير مبرر (دون اتباع حمية أو ممارسة رياضة مكثفة) واستوفى أحد الشروط التالية:
- خسارة أكثر من 5% من وزن الجسمخلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً.
- خسارة أكثر من 10% من الوزنخلال فترة 6 أشهر.
- فقدان الوزن بمعدل حاد، مثل خسارة 11 كيلوغراماً في 20 يوماً، مما قد يشير إلى فقدان شديد للسوائل أو خلل حاد.
- ترافق فقدان الوزن مع أعراض أخرى مقلقة، مثل الحمى المتكررة، التعرق الليلي، التعب والإرهاق الشديد، أو تغير في عادات التبرز.
أسباب نقص الوزن عند المراهقين
تُعد مرحلة المراهقة مرحلة نمو سريع وتغيرات هرمونية، مما يجعل أسباب نقص الوزن لديهم متنوعة، وتتأثر بشكل كبير بالعوامل النفسية والاجتماعية، فيما يلي أهم أسباب نقص الوزن عند المراهقين:
- اضطرابات الأكل:تُعد اضطرابات مثل فقدان الشهية العصبي(Anorexia Nervosa)شائعة نسبياً في هذه المرحلة، خاصة لدى الفتيات، ويكون الدافع غالباً هو تدني احترام الذات والرغبة في الظهور بمظهر نحيف.
- الضغط النفسي والاجتماعي:يؤدي ارتفاع مستويات التوتر والإجهادالناتج عن الضغوط الدراسية والاجتماعية إلى فقدان الشهية، مما يقلل السعرات الحرارية المتناولة.
- النشاط البدني المفرط:يمارس بعض المراهقين نشاطاً بدنياً مفرطاً(رياضة مكثفة) دون تعويض كافٍ للسعرات الحرارية المفقودة، مما يؤدي إلى استنزاف وزن الجسم.
- الأمراض المزمنة:تماماً كما في البالغين، يمكن أن تسبب حالات مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، أو السكري غير المشخص، أو أمراض الجهاز الهضمي الالتهابيةفقداناً للوزن.
إقرأ حول: عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها المراهق.
علاج نقص الوزن المفاجئ
يعتمد علاج نقص الوزن غير المبرر أو المفاجئ بشكل أساسي على تحديد وعلاج المسبب الكامنوراء الحالة.
التشخيص والعلاج الطبي
- التشخيص وتحديد السبب:يجب على الطبيب أولاً إجراء فحص شامل، وقد يشمل ذلك تحاليل الدم والبول، لتحديد المرض الأساسي (سواء كان هرمونياً، هضمياً، أو ورمياً).
- علاج المرض:يتم توجيه العلاج نحو الحالة الطبية المسببة، فمثلاً، يتم علاج فرط نشاط الغدة الدرقية بالأدوية التي تعيد نشاطها إلى معدلاته الطبيعية.
- مراقبة التغذية:قد يُوصي الطبيب باتباع نهج الانتظار والمراقبة في بعض الحالات، بالتزامن مع نظام غذائي متخصص، وربما إحالة المريض إلى أخصائي التغذية.
العلاجات الغذائية والسلوكية
- زيادة السعرات الصحية:يُنصح بتناول وجبات صغيرة ومتعددة (5-6 وجبات) غنية بالمغذيات، مع التركيز على الحبوب الكاملة، والدهون الصحية(كالأفوكادو وزيت الزيتون)، وتجنب الأطعمة المكررة.
- المكملات:قد يصف الطبيب مكملات غذائية أو مكملات فيتامينات (مثل فيتامين Dأو B12أو الحديد) لتصحيح حالات العوز.
- تمارين المقاومة:لا يقتصر العلاج على الغذاء فقط، بل يُنصح بممارسة تمارين المقاومةلبناء الكتلة العضلية، مما يزيد الوزن بطريقة صحية وقوية.
- العلاج النفسي:في حال كان سبب نقص الوزن نفسياً (قلق أو اكتئاب)، يُعتبر العلاج النفسيجزءاً أساسياً من خطة العلاج لاستعادة الشهية.
إن الاهتمام بالتغذية السليمة، والنوم الكافي، وإدارة الضغوط النفسية هو خط الدفاع الأول ضد نقص الوزن وشحوب الوجه غير المرغوب فيهما.




